الاثنين، 4 يونيو 2012

عمالة الأطفال في صيدا.. ظاهرة تزداد تفشيا





تترك ظاهرة عمالةالأطفال أثارا  سلبية جسيمة  تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص. وعلى الرغم من وجود اتفاقية حقوق الطفل وقانون العمل الحامي للاطفال إلا أن هذه  الظاهرة في ازدياد . عمل الاطفال  هو من أبشع  أشكال الاستغلال ، فكم من طفل سخر في أعمال  يكون غير مؤهل  جسديا ونفسيا للقيام بها.

 في لبنان،عمالة الاطفال ظاهرة لا تزال منتشرة في المناطق البعيدة عن العاصمة والاحياء الفقيرة،   كما تفاقمت هذه  الظاهرة  في الاونة الأخيرة مع تدهور المستمر اللاوضاع المعشية والاقتصادية  والسياسية في لبنان وجواره (  الازمة السورية ).بالإضافة  الى النقص الواضح في القوانين و التشريعات التي يفترض ان تحول دون السماح في انتشار هذه الظاهرة.

 أكثر من 100,000 طفل يقعون ضحية عمالة الأطفال، المتاجرة غير الشرعية، الاستغلال والعمل في أوضاع خطرة في ظل غياب الرقابة  الرسمية.

عصام كان واحدا من هؤلاء الأطفال، قست عليه الظروف المعيشية وأجبرته  النزول إلى الشارع، هو في الثاني عشر من عمره توفي والده وترك عائلة كبيرة مؤلفة من أم وتسعة أطفال كلهم دون الخامسة عشر من العمر ( خمس فتيات واربعة صبية ). يسرد لنا أدهم والهموم مرسومة على وجهه :" انزل يوميا في الثامنة صباحا من الزهراني الى صيدا لأعمل في مسح الأحذية،  كما أقوم أحيانا بمساعدة فران في عمله، وانا مستعد لأعمل أي شيء من اجل أمي وأخواتي ، كما يقوم إثنين من إخواني في مساعدتى لتلبية احتياجاتنا ( واحد في العاشرة والاخر في الرابعة عشر من عمره )"  وعن اذا ما كانت والدته أو اخواته يعملون يقول " لا اقبل أنا واخواني أن يعملوا فهم فقط يهتمون بشؤون المنزل " .

يعبر أدهم  ابن التسع سنوات عن  نموذج آخر من حالات البؤس العديدة في لبنان، فالظروف المعيشية الصعبة ايضا وصحة والده المتردية  قادته الى الشارع واضطرته لان يعمل في سن مبكرة  لانقاذ عائلته .وهو يعيش ظروفاً قاسية لا تتناسب مع عمره،  لا يعرف الكتابة ولا القراءة لانه ببساطة لم يدخل ابدا الى المدرسة ليعمل في  مسح الزجاج وبيع العلكة.

رسلان العلي ، ماسح أحذية في الثانية عشرة من عمره، جاء من سوريا بعد الازمة التي حلت بها ، تغطي الأوساخ يديه، وجهه وملابسه، يعمل من الثامنة  صباحا حتى الخامسة عصرا حاملا عدته  وهي عبارة عن البوية الخاصة لمسح الاحذية وعلبة حليب فارغة للجلوس عليها . يشكي  لنا رسلان ويقول" أنا لا احب العمل فهو يتعبني، ولولا امي لما نزلت، وانا اعرف اذا لم اعمل سأموت من الجوع ".

 علي في الثانية عشر من عمره ،  ايضا هرب هو واهله من سوريا ، ولكن الغريب في الموضوع أن اهله تركوه في لبنان وعادوا من حيث أتوا ، فلم يجد حلا سوى الانضمام الى شلة الاطفال الموجودة في شوارع صيدا ليكون ماسح أحذية. علي يقول انه كان يجيد القراءة والكتابة لكن بعدما بدء العمل نسي كل ما تعلمه .

حال هؤلاء الاطفال هي حال آلاف الصغار العاملين على امتداد الرقعة الجغرافية في لبنان، وما  يزيد من الأسى هو عدم قدرة الجهات الرسمية والمنظمات الخاصة على وقف هذه الظاهرة.

لذلك يجب على الدولة اللبنانية أن تنظر بأمر هؤلاء نظرة جدية ، وان تناضل  لأجل إيقاف ظاهرة عمالة الأطفال،وتؤَّمن لهم الرعاية والحماية والرقابة اللازمة من أجل نموّ جسدي، عقلي، نفسي سليم ، فالعبرة ليست في توقيع الاتفاقيات الدولية أو في سنّ القوانين، فهذا كله لا يكفي إذا لم يقترن بتطبيق فعلي وبسياسة تعتبر أنّ الأطفال هم الركن الأساسي لبناء الوطن، وبالتالي يتوجّب توفير الظروف والشروط الكفيلة بإعدادهم إعداداً سليماً. فمسألة حقوق الأطفال ليست مجرّد اعتراف نظري، بقدر ما هي ممارسة ومسؤولية دولة وثقافة مجتمع.
عمالة الأطفال -فيديو وصور
http://mariammoussa.blogspot.com/2012/06/blog-post_05.html

السبت، 2 يونيو 2012