الأربعاء، 11 أبريل 2012

واقع التربية والتعليم في مدارس الأونروا



                                واقع التربية والتعليم في مدارس الأونروا 

يشهد الواقع التعليمي في مدارس الأونروا في لبنان تراجعا ملحوظا على جميع المستويات الإبتدائية والمتوسطة والثانوية. ويعود هذا التراجع ألى أسباب كثيرة داخلية خارجية .
فالواقع التعليمي حاليا ليس كما هو في السابق بل في تراجع مستمر وتعتبر الأونروا  , وكالة الأمم المتحدة لأغاثة وتشغيل اللاجئيين  الفلسطينيين في الشرق الأدنى , المسؤول الأول عن هذا التدهور التعليمي, بالاضافة  الى عوامل اخرى.
نظرة الى الماضي :
بعد أن طرد الشعب الفلسطيني من أرضه على أيدي العصابات الصهيونية ابان النكبة في العام 1948 , لجأ الى الدول المجاورة ومنها لبنان. أنشأ خيما للسكن وأخرى للتعليم وبدأ يتأقلم تدريجيا مع الوضع على أمل العودة قريبا.
خيم التعليم كانت  تمتلئ من 40 الى 50 طالب , وكان الأستاذ لا يحمل شهادة جامعية, كان الوضع  مزري داخل الخيم خاصةً أثناء الامطار وهبوب العواصف.
بعدها أسست الأونروا عام 1949 بموجب قرار الجمعية العامة رقم  302 لتعمل كوكالة مخصصة ومؤقتة على إغاثة وتشغيل اللاجئيين  الفلسطينيين, وتجدد ولايتها كل ثلاثة سنوات لغاية إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.
في بداية مدارس الأونروا , كانت الصفوف بدائية إلا أن المستوى التعليمي كان جيدا ونسبة النجاح مرتفعة وذلك لأن التعليم كان الوسيلة الوحيدة لدى الطالب الفلسطيني وأهله لتحسين الوضع المعيشي والخروج من دائرة الفقر والعوز بعد التهجيروخسارة كل ما يملكون .
 في الستينات كان المستوى التعليمي جيد وأداء الأونروا ممتاز. ولكن بعد بروز المقاومة الفلسطينية في المخيمات , كثرة من الطلاب اندمجوا مع المقاومة على حساب الدراسة, بالاضافة إلى تغلغل الفصائل الفلسطينية  في المخيمات الذي أثرعلى المستوى التعليمي الذي أخذ بالتدني تدريجيا.
بعد الثمانينات, بدأت خدمات الأونروا بالتراجع, وخف التزويد بالكتب والقرطاسية على رغم من تزايد عدد التلاميذ.
أسباب تراجع المستوى التعليمي للفلسطينيين :
هناك أسباب عديدة  دفعت  بالنظام والمستوى التعليمي إلى الخلف :
الأونروا وسياساتها المعتمدة:
-         سياسة الترفيع الألي ونظام منع العقوبات : تعتمد الأونروا سياسة الترفيع الآلي في المرحلة الابتدائية والمتوسطة بحيث يجب  أن تكون نسبة النجاح دائما لا  تقل عن 75% ونسبة الرسوب لا تزيد عن 15% , أي حتى لو كان الطالب غير جدير بالنجاح تقوم هذه السياسة برفعه إلى مستوى أعلى حتى يصل الى مرحلة تقديم الشهادة المتوسطة الرسمية لدى الدولة اللبنانية وهنا يبرزالمستوى التعليمي الهابط لدى الطالب. فتعليم الاونروا الحالي بات تعليم كمي وليس نوعي.
قامت الأونروا بإصدار قانون منع العقوبات, قانون  منع العقاب الجسماني EIT)) , بحيث  تمنع الأستاذة من معاقبة التلميذ وضربه في حال تقصيره في دراسته أو في حال إحداث الفوضى.ويهدد هذا القانون الاستاذ بفصله من عمله في حال تخطيه. تقف سياسة الأونروا دائما مع التلميذ ضد المعلم, هذا ما جعل التلميذ يتمادى ولا يحسب حساب لأحد فتراجع تحصيله العلمي.
-         تعيين  الموظفين على أساس المحسوبيات: تقوم الأونروا بتعيين أشخاص غيرمختصين في مراكز حساسة على أساس المحسوبيات. فعلى مستوى الادارة ,تضع أشخاصا غيرمؤهلين لإدارة منصب التربية والتعليم اذ يضعون خطط ارتجالية غيرمبنية على أسس تعليمية وكثيرا ما تبوء بالفشل فيلجأون الى خطط ارتجالية أخرى مما يجعل قطاع التربية وتعليم حقل تجارب.وعلى مستوى التدريس تعين احيانا أساتذة بناءا على محسوبيات سياسية متجاهلة معايير الكفاءة والجدارة وهذا ما إنعكس سلبا على المستوى التعليمي العام للطلاب.

اتفاقية أوسلو: بعد اتفاقية أوسلو,اتفاقية السلام  التي وقعتها إسرائيل ومنظمة التحريرالفلسطينية في واشنطن, بدأت الاونروا بتقليص جميع خدماتها للضغط على اللاجئ الفلسطيني  وجعله  أكثر عوزا وفقرا, والغاية  من ذلك جعله  يقبل بالحلول المقترحة ويرضخ لمشروع التوطين ويتنازل عن حق العودة إلى فلسطين وهذا ما تسعى اليه اسرائيل.
فعلى الصعيد التربوي, خفضت الاونروا تمويلها المالي لدعم المدارس, فخف تقديم المناهج والكتب الجيدة والقرطاسية وقلصت عدد المدرسين وباتت أبنية المدارس وأثاثها في حالة مزرية, مقاعد قديمة وغياب المختبرات اللازمة  كل هذا أدى الى تراجع المستوى التعليمي. زاد عدد الطلاب والأبنية غير كافية لاستيعابهم فكان الحل بوضع   40 الى 45 طالب داخل الصف الواحد بدلا من إنشاء مدارس جديدة. هذا العدد غير النموذجي أثر على المستوى التعليمي وأدى الى تراجعه حيث أصبح من الصعب على الأستاذ إيصال المعلومة الى جميع الطلاب في نفس اللحظة ومن الصعب على التلميذ ايضا أن يفهم  الدرس في ظل هذا الإكتظاظ الطلابي في الصف.
  الفصائل والتنظيمات الفلسطينيية في المخيم: بات معظم الطلاب الفلسطينيين ينتمون الى مرجعيات وتنظيمات سياسية, أي بات لهم سند يلجأون اليه في حال تلقيهم أي عقاب من  الأساتذة,  حيث تقوم  هذه الفصائل بالذهاب إلى المدرسة مع السلاح وتهدد الأساتذة في حال معاقبة التلميذ الذي ينتمي الى تنظيمهم مرة أخرى.اذا الأساتذة في مدارس الأونروا أصبحت مهددة من  الأونروا من جهة ومن هذه الفصائل من جهة اخرى, نتيجة لذلك  بدأت الأساتذة تعطي الدروس بلا مبالاة والمحصلة النهائية تدني المستوى التعليمي.
يأس الطالب الفلسطيني: يرى الطالب الفلسطيني أن الأجيال المتعلمة التي سبقته وتخرجت من الجامعات ما زالت  تنتظر وظيفة لتشغلها أوأنها تعمل خارج نطاق ما تعلمته مثلها مثل أي أحد غير متعلم, وذلك يعود لظلم القانون اللبناني الذي حرم الشباب الفلسطيني من حق العمل على أرضه وهو الذي ولد وعاش وتعلم فيه,فالقانون اللبناني يحرم الفلسطيني من ممارسة 72 مهنة على اراضيه بالاضافة الى منعه من ممارسة مهنة الطب, الصيدلة, التمريض,الهندسة ,المحاماة, الصحافة .... وإذا وجد عملا يستغل بأرخص الأثمان. أما بالنسبة للأونروا فهي ليست فقط وكالة اغاثة إنهاهي  مسؤولة أيضا عن تشغيل اللاجئين الفلسطينيين, لكنها لا توفر العمل ألا ل 5% منهم, هناك ما يقارب  500,000 شخصا, الأونروا توفر عمل لأقل من5000  شخصا منهم في كافة المجالات. وهناك أيضًا إقفال سوق الخليج التي كانت مفتوحة  أمام الشاب الفلسطيني للعمل بعد تخرجه. هذه العوامل والقوانين عملت على احباط الجيل الجديد من الطلاب وقضت على حافزهم في الدراسة والتعلم, فاختار الكثير منهم ترك المدرسة وتعلم أي مصلحة أخرى إختصارا للوقت.فتراجعت نسبة التعلم والنجاح وتدنى المستوى التعليمي في مدارس الاونروا.
تحركات إحتجاجية للإصلاح :  اتخذت كل من اللجان الشعبية والأهلية عدة إجراءات  كالتحركات والأنشطة الأحتجاجية  والاعتصامات أمام مكاتب الأونروا لمطالبتها بتحسين الوضع التعليمي السيء في مدارسها, ومطالبتها أيضًا بتحمل مسؤوليتها وعدم تقليص الخدمات والتهرب من تقديمها.
وعود : وعدت الأونروا بالنظر في الموضوع , ووفت بوعدها حيث أرسلت نائب المديرالعام ديفيد روجرز في جولة على المجتمع  الأهلي والمدارس في المخيمات, ووعد بعدها بتحسين  الوضع التعليمي. بعد فترة وضعت خطط تعليمية للنهوض بالمستوى التعليمي ألا أنها كانت خططا ارتجالية دون المستوى المطلوب وليست خططا علاجية . من هذه الخطط إجراء دورة تدريبية للأساتذة مدارس الاونروا لمدة  21 يوما ولكن سرعان ما تبين أنها من دون فائدة وليست سوى هدر للأموال ( 250,000 دولار) لأن أساتذة  الاونروا لديهم معلومات وكفاءة أكثر من الأستاذة الذين حضروا لتدريبهم ورفع مستواهم التعليمي.
قامت الاونروا بإطلاق برنامج ترفيهي " إلعب وتعلم "   في 2010 -2011لمدة 15 يوما, والذي اعتبره المجتمع المحلي الفلسطيني هدرا للأموال (300,000 دولار),واحتجوا عليه فتعطل في اغلبية المناطق فبرأيهم الأولوية لتحسين المناهج وتقديم كتب  وقرطاسية أفضل.


اذا,الواقع التربوي في مدارس  الأونروا في  المخيمات الفلسطينية في لبنان مأساة حقيقية وذلك  يعود لعدة  أسباب مختلفة , ولتحسين الوضع التعليمي لا بد من وضع خطط تربوية شاملة تنهض بالمستوى التعليمي ولا بد من وعي  المجتمع الاهلي والمحلي الفلسطيني لواقع التعليم والعمل على تحسينه بشتى الطرق, ومحاولة توعية الجيل الجديد لأهمية التعلم للاسترداد حقوقهم وارضهم التي اغتصبت على أيدي العصابات الصهيونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق